شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
تفسير سورة الكهف
45220 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير قتل الغلام

ذكر بعد ذلك الغلام: وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا الغلام الذي قتله كان طُبِعَ يوم طبع كافرا، أطلع الله تعالى الخضر على أنه لو عاش لكان كافرا، مع أن قتل الصبيان لا يجوز في الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل الصبيان والنساء ؛ يعني: في الحرب؛ لأنهم بعد الاستيلاء عليهم يكونون مماليك أرقاء للمسلمين، ومع ذلك فإن قتله إذا كان لمصلحة جائز، فالخضر أعلمه الله بأن أبوي هذا الغلام صالحان، أمه وأبوه كانا صالحين مؤمنين من أهل التقى، وأنه طبع كافرا، خلقه الله وطبعه على الكفر، ولو عاش لأوقعهما في الكفر، وأرهقهما طغيانا وكفرا، أرهقهما يعني: أوقعهما، رهق الشيء: يعني وصل إليه، أرهقني الشيء: يعني أتعبني، فأوصلني إلى حالة لا أستطيع فيها الصبر، والطغيان: هو مجاوزة الحد. يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا يعني: يوصلهما، ويوقعهما في الطغيان: الذي هو التكبر، والإعجاب، والوقوع فيما نهى الله تعالى عنه.
طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً يعني: طلب من الله أن يعوضهما بدل هذا الغلام، أفضل منه. يعني: ولدا أفضل منه ذكرا، أو أنثى خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً والزكاة ها هنا: هي الصلاح؛ يعني: أن يكون زكيا، كما في قوله فيما حكى الله عن زكريا قال: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ غلاما زكيا. أي: يكون من أهل الزكاة، وليس المراد: أنه يزكي نفسه. يعني: يمدح نفسه بل المراد: أنه يكون خيرا منه، فهما، وخيرا منه إدراكا، وإيمانا، ومعرفة، هكذا طلب، ذكر بعض المفسرين أن الله تعالى وهب لهما جارية صالحة مصلحة، أعانت أبويها على الصلاح، وعلى الاستقامة والثبات، ويمكن أن الله رزقهما أيضا أولادا ذكورا، كانوا صالحين مصلحين؛ استجابة لدعوة هذا العبد الصالح، الذي هو الخضر خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا يعني: أقرب إلى أن يكون شفيقا على أبويه، رحيما بهما، يرحمهما، ويدعو الله تعالى لهما بذلك، ويقول: رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا .

line-bottom